[tr valign="top"][td class=alt1 id=td_post_729478 style="BORDER-LEFT: rgb(226,225,234) 1px solid"]
ما هو معنى كلمة المتنبي،
والثاني: لماذا أعطي هذا الاسم لهذا الشاعر بالذات ؟
هل ادعى المتنبي النبوة فعلا...أم هو تلفيق تاريخي لصق بجسد الذاكرة..!!؟؟
قام في أواخر أيامه بنشر عدة تفسيرات كان المقصود منها ازالة العار والاحراج الذي يسببه هذا اللقب، الشيء الذي جعل منه هدفا سهلا للاستهزاء ضمن قسم من أعدائه. المصادر التي تتناول المتنبي تضم، على أية حال، على الأقل، قصة واحدة يقترب فيها شاعرنا من الاقرار بالحماقة التي ارتكبها، في محادثة بين المتنبي والمحسن التنوخي (توفي 384/ 994)، جرت في الأهواز عام 354/965 قبل شهور قليلة من وفاة شاعرنا المفاجئة، يقول التنوخي:
:
كان يتردد في نفسي أن أسأل أبا الطيب المتنبي عن تنبيه والسبب فيه، وهل ذلك اسم وقع عليه على سبيل اللقب، أو أنه كما كان يبلغنا، فكنت استحيي منه لكثرة من يحضر مجلسه ببغداد، وأكره أن أفتح عليا بابا يكره مثله.
فلما جاء الى الأهواز، ماضيا الى فارس، خلوت به وطاولته الأحاديث وجررتها الى أن قلت له: أريد أن أسألك عن شيء في نفسي منذ سنين، وكنت أستحيي خطابك فيه من كثرة من كان يحضرك ببغداد، وقد خلونا الآن، ولابد أن أسألك عنه. وكان بين يدي جزء من شعره عليه مكتوب: "شعر أبي الطيب المتنبي".
فقال: تريد أن تسألني عن سبب هذا؟ وجعل يده فوق الكتابة التي هي "المتنبي" فقلت: نعم.
فقال :هذا شيء كان في الحداثة أوجبته صبوة ، فما رأيت (تلميحا) ألطف منها لأنه يحتمل المعنيين في أنه كان تنبأ واعتمد الكذب، أو أنه كان صادقا، إلا أنا اعترف بالمتنبي على كل حال قال: ورأيت ذلك قد صعب عليه، وتابع التنوخي. فاستقبحت أن استقمي وألزمه الافصاح بالقصة فأمسكت عنه .
فإن رواية التنوخي تقترح علينا خيارات متعددة :
1/ فهو يمكن أن يكون لقبا محضا وبسيطا بالمعنى الأدبي دون ارجاع الى معناه الحقيقي.فشاعرنا قد ادعى انه حصل على لقبه هذا بسبب بيت من أوائل شعره: "أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود" والشاعر بوضوح يعني بالقول انه مثل النبي صالح، الذي لم يكن مقبولا من قومه، ثمود، الذين ارسل لهدايتهم، يشعر هو أيضا بالوحدة وقلة التقدير في جماعة باءت بالضلال التام،للبيت أن يكون كافيا ليؤهله للقب المتنبي، لأن هذه ممارسة معروفة ضمن الشعراء العرب: العديد من المؤرخين ومنهم ابن الكلبي (توفي 204/819) ومناطقة مثل السكري (توفي 257/888) عرف عنهم انهم رتبوا قوائم كاملة لشعراء لقبوا بناء على كلمة أو فكرة في أحد أبياتهم ومن المحتمل جدا أن المتنبي استخدم هذه الطريقة لشرح لقبه
2/الاحتمال الثاني الذي يلمح التنوخي اليه هو افتراض أن الشاعر في نقطة معينة من ماضيه ادعى كونه نبيا _إما، كما يقول التنوخي صراحة، كدجال ودعي، أو كشخص آمن حقيقة برسالته. ونتيجة عدم وجود اعتراف من الشاعر نفسه، فإن الجواب على هذا السؤال غير ممكن تقريره( والقصة المضحكة التي تصوره بهذه الصورة مؤسسة على حالة خطأ بهوية الشخص) .
المحاولة الأخرى لشرح سلوك المتنبي تأتي من الباحث العظيم والعالم البيروني (توفي بعد 442/ 1050) الذي يعرض تفسيره في "رسالة التعلل بإزالة الوهم في معاني نظوم عالي الفضل" .مناقشة البيروني في لقب المتنبي كما تم الاستشهاد بها من قبل كمال الدين بن العديم:
ان المتنبي لما ذكر في القصيدة التي أولها:
"كفى أراني ويك لومك ألوما".. النور الذي تظاهر لاهوتية في ممدوحه، وقال:
"أنا مبصر وأظن أني حالم" ودار على الألسن، قالوا: قد تجل لأبي الطيب ربه! وبهذا وقع في السجن، الذي ذكره في شعره: "أيا خدد الله ورد الخدود".
.المقطع من القصيدة التي تم تجريم المتنبي عليها والذي يستشهد به المتنبي يجري وفق هذا الترتيب.
يا أيها الملك المصفى جوهرا
من ذات ذي الملكوت اسمى من سما
نور تظاهر فيك لاهوتيه
فتكاد تعلم علم ما لن يعلما
ويهم فيك اذا نطقت فصاحة
ويهم من كل عضو منك أن يتكلما
أنا مبصر وأظن أني نائم
من كان يحلم بالاله فاحلما
كبر العيان علي حتى انه
صار اليقين من العيان توها
الصورة واللغة في هذا المقطع يظهران بوضوح مبالغة كبيرة، الى درجة تجديفية. فالشاعر يقوم بالتلميح أن الممدوح هو مثل اله أو هو الاله نفسه هذه القصيدة تثير الشكوك حقيقة، وهذه الكلمات ممجوجة في مديح بشر. السبب (بالنسبة له) أنه أراد استمالة الممدوح لكشف اعتقاداته الدينية (مذهبه) فلو قبل بهذا الوصف، فسوف يعرف أن اعتقاده فاسد، واذا لم يوافق على المدح، فسوف يعرف أن اعتقاده ليس عدائيا .
نحن لا نعرف الكثير من الممدوح بالقصيدة. لقد كان شخصا يدعى أبا الفضل
(هذا كل ما نعرف من اسمه). ويقول المصدر عنه، انه أضل المتنبي بعد أن ضل هو نفسه .
فإن نظرة أعمق الى الشعر نفسه تكشف حقيقة مهمة لم تستثر اهتماما كافيا في المناقشات عن اعتقادات المتنبي المبكرة، رغم أنه واضح تماما، فما يصفه المتنبي هو تجلي شخص بشري كاشفا عن الوهيته،
(لكن ليست هناك رابطة واضحة بين قصيدته في أبي الفضل و"تنبيه". )
وكما يشرح ابن جني الأمر "اعتاد أن يقول أنه في هذه الأبيات سمي المتنبي". المؤرخ ابن الثعالبي في "يتيمة الدهر في محاسن العصر FPRIVATE "يعلق ابن جني بشكل مختلف نوعا ما:
سمعت أبا الطيب يقول: إنما لقبت بالمتنبي لقولي:
«أنا معدن الندى ورب القوافي وسم العدى وغيظ الحسود أنا في أمة.. الخ».
وفي هذه القصيدة نفسها يقول أيضا:
"ما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام المسيح بين اليهود" والبيت الأخير المذكور، الوارد في القصيدة في موضع أسبق، هو بالطبع مشابه بالمعنى لبيت "صالح في ثمود" والشاعر الشهير والمعجب بالمتنبي ابو العلاء المعري (توفي 449/1057) في كتابه "معجزة أحمد" وهو شرح على ديوان المتنبي، يقول ان بعض الناس ادعوا أن هذا البيت هو سبب لقبه.
تقليد يزعم أبو العلاء المعري في "رسالة الغفران" انه سمعه: حيثما سئل (المتنبي) عن حقيقة لقبه، فإنه كان يجيب أنه اشتق من "النبوة" او «الجزء البارز من الأرض»، وربما اخترعها المعري، الذي يعرف بالتأكيد أنه حتى كلمة "نبي" اعتبرها بعض اللغويين مشتقة من هذا الجذر اللغوي. وبهذا المعنى فإن لقب شاعرنا سيعني "المبرز والأعلى من غيره".
القصة الثانية يستقصيها ابن العديم (شاكر، 267.2- 228) وصولا الى المؤرخ والفيلسوف الشهير مسكويه (توفي 426/ 1010)، الذي يشير الى أن المتنبي سئل (بحضوره على ما يبدو): «على من تنبأت ؟ قال: على الشعراء. فقيل:
لكل نبي معجزة، فما معجزك ؟ قال:
هذا البيت، ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد .رغم ان هذا البيت لا يهز القاريء باعتباره نموذجا فريدا لا يضاهي في الشعر ، فإن المرارة والاحتجاج اللذين يعتليء البيت بهما يرنان فيه بالرؤية المعتمة التي يرى الشاعر فيها الى مجتمعه المعاصر له، ولهذا فإنه ليس من دون سبب أن شاعرنا اختار هذا البيت بالذات ليقوم بنوع من المجاز.
[/td][/tr][tr][td class=alt2 style="BORDER-RIGHT: 1px solid; BORDER-TOP: 0px; BORDER-LEFT: 1px solid; BORDER-BOTTOM: 1px solid"] [/td][td class=alt1 style="BORDER-RIGHT: 0px; BORDER-TOP: 0px; BORDER-LEFT: 1px solid; BORDER-BOTTOM: 1px solid"]
[/td][/tr]